بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 28 أكتوبر 2023

قانون الأسرة - الزواج

مفهوم الزواج:

تطلق على ثلاثة أوجه  :الحلائل: أي الزوجة المعقود عليها و الدليل في سورة البقرة  " و لكم فيها أزواج مطهرة" ،  "و لكم نصف ماترك أزواجكم".

- و تعني أيضا الأصناف : سورة الشعراء الأية 07 "و سبحان الذي خلق الأزواج كلها" أي الأصناف كلها.

- و المعنى الثالث و هو القرناء :أحشر الذين ظلموا و أزواجهم" أي قرنائهم في السوء ، "وإذا النفوس زوجت" أي قرنت.

مفهوم النكاح:

 و هو على أربعة أوجه :

التزويج :  "و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن" ، "أنكحوهن بإذن أهلهن" ، "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة".

يطلق على العقد و الدخول بعد العقد : "و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره" أي حتي يعقد عليها و يدخل بها.

 بلوع الرشد : "و إبتلوا اليتامى حتى إذا بلغو النكاح" أي بلوغ سن الرشد المدني 19 سنة.

يطلق بمعنى الهبة : "و امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي".

 

البواعت على الزواج (الدوافع) :

·        إمداد المجتمع بالنسل الصالح.

·        إشاعة السعادة الزوجية و الراحة "و من أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة".

·        و الإسلام لا ينكر  أن يكون المقصود هو قضاء الشهوة و الطبع الجنسي لأنه أمر غريزي أي الإحصان ، المادة 04 من قانون الأسرة.

 

و الإسلام يكره أن يكون الباعث الوحيد على الزواج لهذا فضل الودود الولود على الحسناء التي لا تلد، و الدليل الغاية الأولى "تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة".

 

وهذه  البواعث تتوقف على حسن الإختيار و ليس لمصلحة مؤقتة أو منفعة زائلة، أو لذة عاجلة، و على أساس يجب أن يقوى مع مرور الزمن و لا يضعف ذالك هو الخلق و الدليل قوله صلى الله عليه و سلم "تنكح المرأة لأربع لمالها و لجمالها و لحسبها و لدينها فإظفر بذات الدين تربت يداك"، و نهى عن الجمال القبيح "إياكم و خضراء الدمن" و هي المرأة الحسناء النابتة في نبات السوء كاالشجرة النابتة في المزبلة.

 

و حذر من عاقبة المال و الجمال فقال لا تتزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يردهن أي يهلكهن، و لا تتزوجهن لأموالهن فعسى أموالهن أن يطغينهن، و لكن تزوجهن على الدين و الخلق و لأمة سوداء قليلة الجمال ذات دين أفضل.

 

 مقدمات الزواج :

إعتاد الناس في الغالب أن يعقدوا معاملاتهم المالية عقودا دون اللجوء إلى مقدمات تستغرق أمدا طويلا و تتطلب تكاليف كثيرة غير أن عقد الزواج لخطورة أثاره و كثرة تكاليفه و طول أمده لا يقدمون على إنجازه إلا بعد تدبر و قطع مراحل تمهيدية تسبق عقد الزواج سميت بمقدمات الزواج و هي أمران:

 

الرؤية : إن الشريعة رغبت في أن ينظر الخاطب إلى مخطوبته في حدود الحشمة و الأداب  العامة و ليتعرف كل من الخاطبين على حال الأخر و ما عليه من عادات ة أخلاق و تكوين جسماني ليأتي العقد بعد ذالك محقق للراحة و السعادة الزوجية فلذالك نجد أن الشارع حث على هذه الرؤية ، وقد روي أن المغيرة بن شعبة خطب امرأة ليتزوجها فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " أنظر إليها ، قال لا ، فقال الني صلى الله عليه و سلم أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " أي أن تقع المودة بينكما ، و روي عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " فإذا خطب أحدكم المرأة فإن إستطاع أن ينظر فيها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل".

يتبين من هذه النصوص أن جواز النظر و الاجتماع بالمخطوبة بحضور محارمها و منع الخلوة بينهما هو الموقف الحكيم المعتدل بين الأفراد الملتزمين الذين يمنعون رؤية الخاطب لمخطوبته و تفريط المسرفين الذين يجيزون للخاطب الإختلاط بالمخطوبة إلى أبعد الحدود الأمر الذي يترتب عليه أوخم العواقب.

 

الخطبة : الخطبة هي أن يطلب الرجل من المرأة الزواج بها فإذا أجابت رغبت خاطبها في أن تكون زوجة له فقد تمت الخطبة و تترتب عليها أثارها فهي وعد بالزواج و ليست زواج، و يشترط في صحة الخطبة أن تكون المرأة صالحة للزواج حالا. و المرأة التي لا يجوز خطبتها :

-أن تكون المخطوبة إحدى محارمه من النسب و الرضاعة كأن تكون أخته أو بنته نسبا أو رضاعا و كذالك سائر محارمه.

-أن تكون زوجة لرجل أخر فلا تجوز خطبة خطبة امرأة متزوجة نت أخر و هي لا تزال في عصمته لأن حق الزوج يمنع من حق أجنبي فيها.

-أن تكون معتدة من طلاق رجعي لأنه يجوز للزوج أن يراجعها في العدة من غير عقد و لا مهر لقيام الزوجية حكما ، ففي هذه الحالة لا تجوز خطبتها لا تصريحا كأن يقول لها " إني أريد الزواج منك" و لا تعريضا "مثل أنت جميلة" و حكمة التحريم أن الزوج له حق إرجاعها ما دامت في العدة و هو أحق بها من غيره.

- أن تكون معتدة من طلاق بائن بينونة صغرى أو كبرى فإن كانت كذالك لم يجز للرجل أن يخطبها لا تصريحا و لا تعريضا حتى تنتهي عدتها لأن في ذالك فتنة لقلب الزوج و باعثا على العداوة و البغضاء.

- أن تكون معتدة من وفاة فلا يجوز للرجل أن يخطبها تصريحا إحتراما للزوج السابق ووفاء لحق الزوج المتوفى.

-أن تكون مخطوبة لرجل أخر فلا تخلو من أربع حالات :

*أن تكون وافقت على الرجل السابق فالحكم لا يجوز بالإجماع.

*أن تكون رفضت الرجل السابق فتجوز خطبتها بالإجماع.

*أن تكون سكتت فلم تجب بالقبول أو الرفض أو تردد بينهما فالأكثرون من الفقهاء نصوا على عدم جواز خطبتها لإحتمال أن تقبل المخطوبة خطبة الأول و قال الأخرون بالجواز لأنه لاينسب لساكت قول إلا إذا علم ميلها القلبي بقرائن الأحوال.

*أن يأذن الخاطب الأول للثاني فهذا جائز بالإجماع لمن أذن له بل و لغيره خطبتها.

 

العدول عن الخطبة : إن الخطبة و الوعد بالزواج و تقديم المهر أو بعضه ليس عقدا ، بل هي وعد متبادل بين الخاطب و المخطوبة بإجراء عقد الزواج مستقبلا ، و لهذا يجوز لكل منهما العدول عن الخطبة و الرجوع عن وعده و هذا ما يراه جمهور الفقهاء ، و يرى البعض الأخر أن هذا الوعد يلزم الوفاء به و يجبر الخاطبان الإستمرار على الخطبة و إبرام العقد ، إلا إذا وجد ما يمنع من هذا الإبرام كالموت و عدم القدرة على التنفيذ ، و ما ذهب إليه الجمهور أولى بلعمل من غيره لأنه لو أجبرنا الخاطبين على الإستمرار في الخطبة و إبرام عقد الزواج لكان إكراه على الزواج ، و الزواج عقد أبدي لابد أن يتنزه عن الإكراه ، تم إن الإكراه لايجوز عند العقود مطلقا بما فيها عقد الزواج.